الأربعاء، 30 مارس 2011

- الجنّة .. طريق المفتونين !




.
.

مررت بِ غرفتها !
لم أقصد التنصت أبداً ، لكن ابن آدم مجبولٌ على الفضول !
سمعت نواحاً ، آنيناً صامتاً .. عجيبة هي لغة الموجوعين !
طرقت الباب :
- هل من أحد ؟
رد صوتها علي :
-نعم تفضلي يَ سستر !
أخرجت رأسي من خلف الجدار :
- عفواً لست الممرضة ، بل زائرة !
توجست مني خيفة :
- ماذا تريدين ؟
كشفت عن وجهي وابتسمت لها :
- هل يمكنني الجلوس معكِ ؟
ترددت في قبول عرضي ثم حزمت أمرها وقالت :
- تفضلي .. تفضلي !
حاولت أن أبدوا هادئة رغم توتري وخجلي من جرائتي في إنتهاك حرمة مرضها ،
نطقت دون شعور :
- سمعت صوتكِ ينوح ، ماذا بكِ ؟
- لا شيء مجرد تعب بسيط !
- هل تشكين من شيء ؟
- كلا ، الم بسيط .. ضغطت جرس النداء لكن الممرضة لم تأتي !
- من الطبيعي أن لا يجيبكِ احد ، الساعه 2 صباحاً وربما هي في مناوبة ليلة !
صمتنا قليلاً .. بادرت هي بالحديث ثم قالت :
- ماذا تفعلين هنا ؟
- أنا مرافقة لجدتي !
الصمت يعود من جديد ، بدأت بالأنين والنواح .. قمت إليها مسرعة :
- ماذا بكِ ؟ تحتاجين ممرضة ؟
أطبقت على يدي بوة ثم قالت :
- نادي الممرضة بسرعة أرجوكِ .. أرجوكِ !
استعجلتها وضغطت على جرس النداء ، مرة وأثنتين وثلاث ولا مجيب !
يَ إلهي ! أين أنتم ؟ .. خرجتُ مسرعةً من الغرفة وبدأت أنادي :
- سستر كان يو هيلب مي ؟ كويكلي بليز !!
أتت الممرضة وقالت لي :
- أوت بليز .. أووت .. دكتور مراد هليب مي بليز !
جاء الدكتور وصرخ ، واضطرب المكان بأصوات الممرضات والأجهزة وصراخ الدكتور !
بعد دقائئق هدأ الوضع قليلاً .. ثم خرجوا وبقيت الممرضة لتعطيها جرعةً من إبر لا أعلم ما هي !
خرجت الممرضة وبقيت أنا .. أمسك سجل المريضة وقرات المعلومات :
- جنّة بنت محمد بن صالح الـــ ....... !
- العمر 16 ربيعاً !
- نوع المرض : سرطان الرئة !
ومعلومات أخرى قد لا توصلنا إلى مسارٍ محدد ..
جلست بقربها .. أتلوا تراتيل من القرآن !
ساعتان وها هي تستيقظ .. قلت لها :
- جنّة ؟ حمداً لله على سلامتك ..
- ماذا حدث ؟
- لا شيء سليمة سليمة !
صمتت وبعد برهة أحسست بالفضول ينتشلني من مكاني :
- جنّة .. أيمننكي سؤالكِ عن أمرٍ لربما يكون فضولاً ؟
- لا ، حتى تخبريني عنكِ !
- حسناً ، اسمي عائشة وأنا أكبركِ بِ عام أي أنني أبلغ 18 عاماً !
وفي آخر مراحل الثانوية ، وانا هنا مرافق لجدتي التي تقطن في الغرفة التي بجواركِ ..
وهي مريضة بِ ذات المرض الذي تعانين منه !
- حسناً .. وما هو سؤالكِ يا عائشة ؟
- ما قصتكِ ؟
- لا شيء يستحق السرد صدقيني ، سأخبركِ بإختصار شديد ..
فض التفاصيل الصغيرة في حياتنا أو الكبيرة ليس شرطاً أن تكون كبيرة أو صغيرة لدى غيرنا !
اسمي جنّة كما تعلمين ، ولدت دون أم .. وليس لدي أشقاء ، وأبي رجل بلا دين ..
حين أصبت بالسرطان رماني هنا ولم يسأل عني !
والذي تكفل بِ علاجي هو زوج أمي السابق لكنه لا يزورني !
حقاً عجيبٌ أمري ، أبي الذي أنا قطعة من ظهره .. رماني !
وعمي زوج أمي السابق ، وإن لم يحنو علي ولم يزرني .. إلا أنه تكفل بِ رعايتي !
- هل يزوركِ أحد ؟
- لا يزورني أحد ، حتى في أحلامي .. لا يزورني إلا أمي !
حسناً عائشة أنا متعبة قليلاً سأخذ قيلولة بسيطة..
وأشكركِ يا جميلتي على وجودكِ هنا !

تركتها وذهبت أطمئن على جدتي .. الساعه 4,55
استلقيت على الأريكة المجاورة لِ سرير جدتي .. ولم أشعر إلا والشمس تشرق !!
استيقظت ونظرت حولي ..
جدتي تتناول الفطور وتتابع الاخبار في التلفاز ، والساعه 8,20
نهضت بسرعة .. غسلت وجهي ثم خرجت مسرعة لوم أترك لجدتي فرصة السؤال عني !
خرجت مسرعة لأطمئن على جنّة .. دخلت الغرفة ن لا يوجد أحد
خرجت مسرعة إلى مكتب الملفات ، سألت الممرضه :
- أين المريضة غرفة رقم : 39 - جناح جـ ؟
- أتقصدين جنّة ؟
- أجل جنّة !
- غلى الجنّة إذاً !!!

رحلت جنّة وأنا اكفكف الدمع على ليلة واحد قضيناها معاً !
رغم أني لم أعرف جنّة إلآ أن البياض في وججها وقلبها كان كَـ الجنّة حقاً !
جنّة أسمٌ على مسمى ..

خرجت من الغرفة وأنا أردد في داخلي :
- إلى الجنّة يَ جنّة ..
إلى الجنّة ..
إلى الخلد !




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق